نوران الراضي
Photo Credit: Taylor Callery/Ikon Images/Getty Images
في كل يوم، يزداد عدد المدمنين واحدا، وعدد المتضررين ضعفه، ويقل عدد الناجين ويستمر الضرر في حصد المزيد من العوائد باهظة الثمن: افلاس، وحدة، جنون، مرض، موت. ثم يزيد عدد المدمنين واحدًا ويتلاحق من خلفه الأضرار هكذا إلى ما لا نهاية.
والادمان لا يقتصر فقط على المخدرات والمصحصحات والمهدئات، بل هي كل الأفعال العادية جدًا التي تأسرك في دوامتها ولا تستطيع الفكاك منها. الامر ليس ضعفا منك أو لقلة حنكتك او ضحالة عزمك، وانما هي دوائر تتسع وتسحبك وإن لم تقف لها كنت لعبتها التي لا تحتفظ بك، ولا تتركك إلا حصيدا كمدا.
ما هو الإدمان؟
هي مادة تعتمد عليها، يستخدمها جسدك ليهدأ أو ينشط أو يزداد تركيزه وتظن أنك بالفعل أفضل واكثر حيوية واقبالا فتتمادى في أخذها، وتتوق إليها ولا تستطيع التوقف. ربما يكون دواء عاديا وربما كانت حبة للصداع أعطاها لك صديق وربما مهدأ قبل النوم تتناوله في الاوقات العصيبة لتغفو، ثم اعتدت عليه، واستخدمته فترات طويلة، ولم تعد تستطيع النوم بدونه بعد الآن.
والسؤال لماذا يحدث ذلك مع أشياء اخرى ليست مواد كيميائية من الاساس، بل وانها اشياء لا تعطى وانما سلوكيات تمارس بشكل يومي، او لنقل جنوني، فانتقلت من خانة الهواية إلى الهاوية. تتساءل ما هي؟ وكيف لا تلحظها؟ ربما لأنك احد المدمنين الصغار الذين لم يكتشفوا إدمانهم بعد.
ولكي نكتشف ذلك معًا، عليك أن تجيب عن الأسئلة التالية:
١- هل تستمتع بأكل الطعام؟ ليس استمتاعا طبيعيا بالطعام الشهي الذي يستجدي اللذة والتأني والثناء وانما شراهة دائمة للمأكولات، رغبة ملحة لتجربة المطاعم الجديدة وكل ما يقدمونه، تقديس الكميات الضخمة والشبع حتى التخمة
٢- هل تجلس ساعات طويلة على ألعاب الانترنت والتطبيقات على هاتفك، هل تتشاجر مع أهلك اذا قضيت نهاراتك بطولها في السايبر تشارك اصدقاءك البلايستاشن ولم تتواصل معهم بشكل اسري دافيء مطلقًا منذ عدة سنوات؟
٣- هل تنهين مصروفك الشهري او مرتبك الجديد في التسوق وعادة على أمور تافهة يمكن أن تؤجل أو لا تشتريها من الاساس لان لديك الكثير من علب المكياج والفساتين السوداء والجينزات البويفريند الواسعة؟ ماذا عن أحذية الكعب العالية التي تزاحمت جوار بعضها ولا تجدين لها مكانة في الخزانة، ربما تفكرين في اضافة واحدة للمجموعة؟
٤- لماذا تفكرين في عملية تجميل سادسة؟؟
٥- ما رأيك أن تضع الهاتف جانبك لأنك لم تعد ترى كما يجب وصرت متوحدا أكثر من اللازم؟ متى جلست وجها لوجه مع كائن من كان دون أن
تحشر وجهك في شاشة السوشيال ميديا؟ تنقر لايكا زائفا وتتعلق بالفراغ وتحدق في الأسفل حتى احمرت عينيك وامتدت رقبتك واشتكت الفقرات
٦- والسؤال السادس لصاحب روح المغامرة الذي لا يتردد عن ركوب الكوارث والضحك في وجه المخاطر، الذي يكسر ساقه ويعرج بالاخرى لأعلى الجبل
لعلك لاحظت ان الادمان ليس فقط ادمانا جسديا ماديا فيزيائيا وانما هناك ادمان سلوكي كالتسوق والمقامرة والانترنت والمغامرة والجنس وحتى الطعام الشهي.
واوضحت الدراسات أنها تماما مثل الخمور تفرز الدوبامين أحيانا عشر اضعاف الطبيعي ومع الوقت تقل وتقل ويعتاد جسدك ومن هنا يطلب المخ المزيد ويبدأ ادمانك لتلك الأشياء التي تظن أنها تسعدك وتهدأك وتجعلك تدخل في حالة الايفوريا.
والسؤال الذي يراودك الآن هل هناك علاج للادمان السلوكي؟
نعم، هناك متخصصين يمكنهم مساعدتك. ربما لا توجد مراكز منفردة بذاتها مثل مراكز علاج الإدمان وانما يكفي أن تتجه لأطباء الصحة النفسية وهم يستطيعون تخلصيك من هذه الحبال التي تقضي عليك من دون أن تشعر. ولا داعٍ أبدًا أن تشعر بالحرج، أو تخفي أنك بحاجة للمساعدة، فالنفس مثل الجسد، وصحة العقل من صلاح الحال وراحة الحياة، فلا داعٍ أبدًا للاهمال أو الخجل والتهرب، كما تعرف أولى خطوات الشفاء هي المواجهة.
Comments